في العراق، تواجه المرأة تحديات متعددة فيما يتعلق بحقوقها، وسط بيئة قانونية واجتماعية معقدة تتأثر بالصراعات السياسية والدينية والثقافية. وعلى الرغم من وجود تقدم في بعض المجالات، لا تزال العديد من الانتهاكات تُرتكب ضد النساء، ما يجعل حقوقهن قضية مستمرة تثير الكثير من الجدل والنقاش.
حقوق المرأة في العراق
بعد سقوط النظام السابق عام 2003، شهدت حقوق المرأة بعض التقدم، إذ تمكّنت المرأة من الانخراط في الحياة السياسية والاجتماعية بصورة أكبر، وحصلت على تمثيل نسبي في البرلمان. ومع ذلك، لا تزال هذه الحقوق تواجه عراقيل عديدة بسبب القوانين غير الفعالة والمجتمع المحافظ.
حقوق المرأة في العراق تشمل:
• التعليم والعمل: تتمتع المرأة بحقوق في التعليم والعمل، ولكن لا تزال هناك تمييزات تحول دون المساواة الكاملة بينها وبين الرجل. تعاني المرأة من عدم تكافؤ الفرص في بيئات العمل وارتفاع معدلات البطالة مقارنةً بالرجال.
• التمثيل السياسي: يضمن الدستور العراقي للمرأة حصة (كوتا) بنسبة 25% في البرلمان، لكن التمثيل الفعلي لا يزال يواجه تحديات من ناحية ضعف الدور الفعّال للمرأة في صنع القرار.
الانتهاكات ضد المرأة
تعاني النساء في العراق من عدة أنواع من الانتهاكات، أبرزها:
1. العنف المنزلي: لا تزال جرائم العنف المنزلي تمثل مشكلة كبرى، وغالبًا ما يُنظر إلى هذه الجرائم على أنها قضايا عائلية خاصة لا تتدخل فيها السلطات بشكل كافٍ.
2. الزواج المبكر والإكراه: تعتبر ظاهرة الزواج المبكر والزواج القسري من الانتهاكات البارزة التي تواجهها النساء، خاصة في المناطق الريفية والمجتمعات التي تفرض فيها الأعراف العشائرية والدينية قيودًا شديدة.
3. التحرش الجنسي: تواجه النساء التحرش في أماكن العمل والمجال العام، وغالبًا لا تحصل الضحايا على العدالة بسبب نقص التشريعات الفعالة أو الخوف من الفضيحة المجتمعية.
4. جرائم الشرف: تستمر جرائم الشرف بتهديد حياة العديد من النساء، حيث تُرتكب في بعض الحالات بحجة الحفاظ على “شرف العائلة”، ولا تُتخذ الإجراءات القانونية اللازمة لملاحقة مرتكبي هذه الجرائم.
قانون الأحوال المدنية المثير للجدل
في الآونة الأخيرة، أثير جدل كبير حول مشروع قانون جديد للأحوال المدنية يهدف إلى تقنين القوانين المتعلقة بالزواج والطلاق والميراث. يُعتبر القانون من قبل كثيرين خطوة إلى الوراء لحقوق المرأة في العراق، إذ يفتح الباب لتطبيق الشريعة على نحو يقيّد حقوق المرأة مقارنةً بالقوانين المدنية الأكثر تقدماً.
الانتقادات التي تواجه القانون:
• الزواج المبكر: هناك قلق من أن القانون سيسمح بتزويج الفتيات القاصرات، ما يزيد من انتشار الزواج المبكر.
• التمييز بين الرجل والمرأة: يكرّس القانون التمييز بين الجنسين في مسائل مثل الميراث والوصاية، حيث يمنح الرجل حقوقًا أكبر من المرأة.
• تقويض السلطة القضائية المدنية: ينظر الكثيرون إلى هذا القانون على أنه محاولة لتحويل القضايا المدنية المتعلقة بالأحوال الشخصية إلى سلطات دينية، ما يُقلّل من قدرة الدولة على حماية حقوق الأفراد وضمان المساواة.
الدعوات للإصلاح
هناك جهود مستمرة من قِبَل منظمات المجتمع المدني والنشطاء الحقوقيين للمطالبة بإصلاح القوانين وضمان حماية حقوق المرأة في العراق. تتمثل بعض مطالب هؤلاء النشطاء في:
• إقرار قانون لحماية المرأة من العنف الأسري: الذي يوفر حماية قانونية أكبر للنساء ويضمن محاسبة الجناة.
• إلغاء التمييز القانوني: المطالبة بإلغاء جميع القوانين التي تميّز ضد المرأة، والسعي لسن قوانين جديدة تضمن المساواة الكاملة بين الجنسين.
• التوعية والتعليم: تعزيز حملات التوعية لتغيير الأعراف الاجتماعية التي تُهمش المرأة وتحرمها من حقوقها.
تظل حقوق المرأة في العراق قضية محورية تتطلب تضافر الجهود للتغلب على التحديات الاجتماعية والقانونية. الانتهاكات التي تُمارَس بحق المرأة، سواء من خلال العنف أو التمييز القانوني، تتطلب استجابة حازمة من الحكومة والمجتمع، لضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين دون تمييز.